شن اليوم رئيس اتحاد الصيارفة السويسريين بيار ميرابو هجوما حادا على منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لموقفها من سياسة سويسرا المصرفية, وسعيها لوضع قائمة تضم دولا تعتبرها المنظمة ملاذات ضريبية آمنة.
وقال ميرابو للجزيرة نت على هامش المؤتمر الصحفي السنوي للاتحاد "إن تلك المنظمة ليست ذات طابع أممي ولا تملك تفويضا للتحدث باسم العالم"، معتبرا أن بلاده "تواجه حربا اقتصادية تستهدف ساحتها المالية ونظامها المصرفي".
لكنه في الوقت نفسه أيد سياسة مجلس الحكم الاتحادي في التعامل مع المنظمة، وأكد أن "قرار الحكومة اتباع معاييرها بالتعاون في الكشف عن عمليات التهرب الضريبي لا يعني التخلي عن سرية الحسابات المصرفية".
وأشار ميرابو إلى أن الخروج من الأزمة المالية والاقتصادية العالمية "لن يتم بسهولة، وقد يستغرق وقتا أطول من المتوقع لأننا لا نعلم تماما أين نحن من الأزمة وماذا سيأتي غدا".
هجوم مضاد
ورغم الهدوء المعهود لميرابو ودبلوماسيته في التصريحات, فإنه تخلى عنهما منذ زيادة حدة الانتقادات الموجهة إلى النظام المصرفي السويسري بسبب ما أثير عن تورط بنك "يو.بي.أس" -أكبر بنوك البلاد- في توفير ملاذ آمن لمئات الأثرياء الأميركيين المتهربين من دفع رسوم ضريبية لسلطات بلادهم.
فقد اتهم المسؤول السويسري ألمانيا بأنها "فشلت في تقديم سياسة ضريبية عادلة، مما أدى إلى هروب أموال أثريائها إلى أماكن أخرى يمكنهم الاستثمار فيها، فضلا عن أنها في فترة انتخابات حيث يحاول الساسة اكتساب أصوات الناخبين عبر الظهور كمدافعين عن مصالح البلاد".
كما أنه اتهم بريطانيا بالنفاق والرياء "لأنها تتهمنا مع لوكسمبورغ والنمسا بأننا ملاذات ضريبية آمنة، ولا تتحدث عن الجزر التابعة للتاج البريطاني مثل جيرسي وجزيرة مان وسياساتها المالية، مما يدل بالفعل على أن تلك الدول تحاول استخدام أوقات الأزمات للبحث عن أموال بأي طريقة".
بل ذهب إلى أن هناك أطرافا تكن حقدا كبيرا لسويسرا لنجاحها المالي وسمعة مصارفها العالمية، "فشنت تلك الحرب للتأثير علينا واستغلال الظرف الراهن لمحاولة إعادة توزيع رسم معالم خريطة الساحة المالية الدولية مجددا، بدليل عدم دعوة سويسرا إلى قمة العشرين رغم أنها صاحبة ثامن أقوى اقتصاد في العالم".
في المقابل رفض ميرابو الربط بين مشكلة مصرف "يو.بي.أس" في الولايات المتحدة وبين مشكلة تعرض لها قبل أكثر من عام مصرف القرض السويسري في البرازيل، والنظر إلى المشكلتين على أنهما تعكسان سياسة منهجية يتبعها رجال البنوك السويسرية للعمل بكافة الطرق لجذب الاستثمارات.
وأشار إلى وجود جهات رقابة مختلفة على أداء المصارف وأن "أي تصرف فردي سيئ يأتي من مؤسسة مالية أو رجال البنوك لا يعني أن الجميع ينتهجون نفس السياسة". وقال إن رحلات رجال البنوك السويسريين المتواصلة حول العالم لجذب الاستثمارات عمل مشروع على خلاف ما يتم ترديده.
"
تنشط في سويسرا نحو 330 مؤسسة بنكية تدير تريليوني دولار من الاستثمارات الخاصة فقط. وبعد افتضاح حالات استغلت فيها السرية المصرفية, شددت السلطات الاتحادية قوانين فتح الحسابات البنكية
"
السرية المغرية
يشار إلى أن سويسرا بها نحو 330 مؤسسة بنكية تدير ألفي مليار دولار من الاستثمارات الخاصة فقط. وقد اشتهرت سرية حساباتها المصرفية بالحفاظ على أسماء المودعين وأحجام ثرواتهم. لكن تلك السرية المصرفية ارتبطت بثروات نهبها حكام من شعوبهم مثل الرئيسين الكونغولي والفلبيني السابقين وغيرهما.
وقد أدى توالي الكشف عن سوء استغلال السرية المصرفية السويسرية في عمليات غسيل أموال إلى تشديد قوانين فتح الحسابات البنكية لغير المقيمين، ولكن اعتبارا من منتصف تسعينيات القرن الماضي.
وتسعى سويسرا إلى تجنب مواجهات مع القوى الاقتصادية الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي واليابان والولايات المتحدة، وقد وافقت على إبرام اتفاقيات للتنسيق بشأن مكافحة التهرب الضريبي عبر بنوكها، حيث يخشى خبراء الاقتصاد تراجع الودائع الأجنبية بسبب فقدانها جاذبية السرية المصرفية.
المصدر: الجزيرة